خفقان القلب ليس دائماً سببه العشق

خفقان القلب هو الشعور بإحساس غير طبيعي أو غير منتظم في ضربات القلب، قد يتراوح من تسارع في ضربات القلب إلى شعور بنبضات قوية أو غير منتظمة. يُعتقد لدى الكثير من الناس، خصوصًا في الثقافة الشعبية، أن خفقان القلب غالبًا ما يكون مرتبطًا بالعشق أو المشاعر العاطفية القوية، ولكن الحقيقة أن خفقان القلب يمكن أن يكون نتيجة لعدة أسباب طبية ونفسية متعددة تتجاوز بكثير مجرد الحب أو الانفعال العاطفي. في هذا المقال، سيتم تناول ظاهرة خفقان القلب بشكل موسع، مع التركيز على الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى حدوثه، والعوامل المؤثرة، وكيف يمكن تمييز الحالات الخطيرة منها عن الحالات التي لا تستدعي القلق.

تعريف خفقان القلب وأنواعها

خفقان القلب هو عبارة عن الإحساس بزيادة سرعة ضربات القلب أو عدم انتظامها، ويشعر به الإنسان غالبًا في الصدر أو الرقبة أو الحلق. يمكن أن يظهر الخفقان على شكل:

• تسارع في ضربات القلب (تسرع القلب).

• نبضات قلب غير منتظمة (رجفان أو رفرفة القلب).

• نبضات قلب قوية ومكثفة.

• توقفات قصيرة بين نبضات القلب.

ينقسم خفقان القلب من حيث موقعة في القلب إلى نوعين رئيسيين:

1. خفقان أذيني: يبدأ في الأذينين وهما الجزء العلوي من القلب.

2. خفقان بطيني: يبدأ في البطينين وهما الجزء السفلي من القلب.

غالبًا ما يكون الخفقان مؤقتًا وغير مضر، لكن في بعض الحالات قد يكون علامة على مشاكل صحية خطيرة تستدعي التدخل الطبي.

الأسباب الطبية لخفقان القلب

اضطرابات النظم القلبي

اضطرابات نظم القلب هي واحدة من أبرز الأسباب الطبية لخفقان القلب، وتشمل:

• الرجفان الأذيني (Atrial Fibrillation): وهو نوع شائع من عدم انتظام ضربات القلب، ينتج عنه نبضات أذينية سريعة وغير منتظمة.

• التسرع البطيني (Ventricular Tachycardia): حالة تتسم بتسارع ضربات القلب في البطينين، وقد تكون خطيرة وتتطلب علاجًا فوريًا.

• الخفقان فوق البطيني (Supraventricular Tachycardia): تسارع ضربات القلب الذي يبدأ فوق البطينين وغالبًا ما يكون مفاجئًا.

هذه الاضطرابات يمكن أن تسبب خفقانًا شديدًا أو متكررًا، وقد يصاحبها أعراض أخرى مثل الدوار، والإغماء، وضيق التنفس.

مشاكل في صمامات القلب

تلف أو خلل في صمامات القلب قد يؤدي إلى خفقان بسبب تغيير تدفق الدم وعدم انتظامه داخل القلب، مما يسبب شعورًا غير طبيعي في ضربات القلب.

أمراض القلب المزمنة

الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب مثل قصور القلب، أو اعتلال عضلة القلب، أو نوبات قلبية سابقة يكونون أكثر عرضة لخفقان القلب الناتج عن اضطرابات كهربائية في القلب.

الأسباب غير القلبية لخفقان القلب

لا يرتبط خفقان القلب دائمًا بأمراض القلب، فهناك عوامل وأسباب أخرى عديدة تؤدي إلى حدوث هذا العرض، ومن أهمها:

التوتر والقلق النفسي

التوتر النفسي، والقلق، ونوبات الهلع هي أسباب شائعة لخفقان القلب، حيث يؤدي إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين إلى زيادة سرعة ضربات القلب، وبالتالي الشعور بالخفقان. في كثير من الأحيان، يكون خفقان القلب مرتبطًا بحالة نفسية أكثر منها جسدية.

تأثيرات الأدوية والمحفزات

بعض الأدوية مثل أدوية الربو، وبعض مضادات الاكتئاب، ومكملات الطاقة، والعقاقير التي تحتوي على الكافيين أو المنبهات يمكن أن تسبب خفقان القلب كأحد الأعراض الجانبية.

اضطرابات الغدة الدرقية

فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) هو حالة تؤدي إلى زيادة إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، مما يحفز القلب على الخفقان بسرعة غير طبيعية.

اضطرابات الكهارل في الجسم

عدم توازن الأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم، والمغنيسيوم، والكالسيوم في الجسم يمكن أن يؤثر على وظيفة القلب الكهربائية ويؤدي إلى خفقان.

فقر الدم

انخفاض مستوى الهيموغلوبين أو فقر الدم يجعل القلب يضطر للعمل بجهد أكبر لتعويض نقص الأكسجين، ما قد يؤدي إلى خفقان.

العوامل المحفزة لخفقان القلب

هناك عدة عوامل قد تزيد من احتمالية حدوث خفقان القلب أو تزيد من حدته، منها:

• تناول الكافيين بكميات كبيرة مثل القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية.

• التدخين الذي يؤثر على الأوعية الدموية والقلب.

• الإفراط في شرب الكحول.

• النشاط البدني الشاق والمفاجئ خصوصًا في الأشخاص غير المعتادين على التمارين.

• الإجهاد النفسي أو الجسدي.

• النوم غير المنتظم أو اضطرابات النوم.

• تغيرات في نمط الحياة أو الأدوية.

الأعراض المصاحبة لخفقان القلب

يُرافق خفقان القلب في بعض الأحيان أعراض أخرى تساعد في تشخيص الحالة وأسبابها، منها:

• ضيق في التنفس.

• دوخة أو إغماء.

• ألم في الصدر.

• تعب عام أو ضعف.

• تعرق زائد.

وجود هذه الأعراض قد يشير إلى حالة طبية أكثر خطورة تتطلب مراجعة الطبيب المختص.

تشخيص خفقان القلب

يبدأ تشخيص خفقان القلب من خلال:

1. التاريخ الطبي والفحص السريري: يشمل الحديث عن أعراض المريض، تكرار الخفقان، والعوامل المحفزة له.

2. رسم القلب الكهربائي (ECG): يحدد نظم القلب ويكشف عن اضطرابات النظم.

3. مراقبة هولتر (Holter Monitor): جهاز محمول لتسجيل ضربات القلب لفترة 24 إلى 48 ساعة لرصد الخفقان أثناء النشاط اليومي.

4. اختبارات الدم: للكشف عن اضطرابات الغدة الدرقية، وفقر الدم، واضطرابات الكهارل.

5. تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (Echo): لتقييم بنية القلب وصماماته.

6. اختبارات أخرى حسب الحاجة: مثل اختبار الجهد أو التخطيط الكهربائي للقلب أثناء التمرين.

العلاج والوقاية

تختلف طرق علاج خفقان القلب باختلاف السبب، وتشمل:

• تعديل نمط الحياة: التقليل من الكافيين والكحول، الإقلاع عن التدخين، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والابتعاد عن التوتر.

• العلاج الدوائي: مضادات اضطراب النظم، أدوية الغدة الدرقية، أدوية علاج القلق والتوتر.

• العلاج الجراحي أو التداخل القلبي: في الحالات الشديدة مثل الرجفان الأذيني أو التسرع البطيني، قد يلجأ الطبيب إلى القسطرة الكهربية أو زرع أجهزة تنظيم ضربات القلب.

• إدارة الأمراض المصاحبة: مثل علاج فقر الدم، تصحيح اضطرابات الأملاح، ضبط وظائف الغدة الدرقية.

علاقة خفقان القلب بالعشق والمشاعر

العلاقة بين خفقان القلب والمشاعر العاطفية مثل الحب والعشق معروفة منذ القدم، إذ أن المشاعر القوية تؤدي إلى إفراز هرمونات تؤثر على الجهاز العصبي اللاإرادي، ما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب والشعور بالخفقان. لكن هذه الظاهرة مؤقتة ولا تعني وجود مشكلة صحية. بالمقابل، الخفقان الناتج عن الأسباب الطبية له طبيعة مختلفة ويتطلب التشخيص والعلاج المناسب.

خفقان القلب في الحالات العاطفية مقابل الخفقان الطبي

أهمية متابعة خفقان القلب

خفقان القلب المتكرر أو المستمر، خصوصًا إذا صاحبته أعراض أخرى مثل ألم الصدر أو الدوخة، يجب أن يُؤخذ على محمل الجد ويُراجع الطبيب لتحديد السبب وعلاجه. الإهمال قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها الجلطات القلبية، أو السكتات الدماغية الناتجة عن الرجفان الأذيني.

خلاصة

خفقان القلب هو عرض شائع يمكن أن ينتج عن أسباب متعددة تختلف بين الحالات العاطفية البسيطة كالعشق، والأسباب الطبية المعقدة. التفريق بين النوعين يستند إلى الفحص الطبي الدقيق والمتابعة المنتظمة. لا يمكن الاعتماد فقط على فكرة أن الخفقان سببه العشق، بل يجب النظر بعناية إلى الحالة الصحية العامة، وأعراض المريض، والتاريخ الطبي، لتحديد السبب الحقيقي. اتخاذ الإجراءات الوقائية، مثل تجنب المحفزات، ومتابعة الصحة القلبية، يلعب دورًا كبيرًا في تقليل حدوث الخفقان ومضاعفاته.

المصادر:

1. Mayo Clinic – Palpitations: Causes and treatments

2. American Heart Association – Understanding Arrhythmias and Palpitations

بهذا يتضح أن خفقان القلب ليس فقط نتيجة للعشق، بل يمكن أن يكون مؤشراً على مجموعة واسعة من الحالات الصحية، لذا لا بد من التعرف على أسبابه الحقيقية وتقييمها بشكل دقيق.